الأربعاء، 24 أغسطس 2016

~{ اتيكيت العَزاء ..


بقلم: المهندسة حسنه سيف السالمي

مساااكين .لن تسمعوا ندائه بعد اليوم في أرجاء البيت، مسااكين ... ستفتقدون اتصالاته الهاتفية عندما تتأخرون خارج المنزل ..!

هكذا استقبلتُ إحدى قريباتي “المقربات “في أولى ساعات أيام عزاء والدي رحمه الله.

أما أخرى قريباتي وهي من دولة مجاورة، تهمس في أذن إحدى أخواتي قائلة.“أريد أن أذهب إلى المركز التجاري لأشتري بعض الهدايا، هل لكِ أن توصليني؟ “ 

وأخراهن، تودع أمي قائله: سأذهب الآن “فزوجي “ينتظرني، أما انتِفزوجك مات “مسكيييينه” الله يرحمه!

وأخرى تأتي مولولة باكية صارخة، حتى تفقد قواها فتسقط على الأرض معبرةً عن حزنها الشديد على الفقيد! 

أما أخرى تهمس في أذن أختي سائلة، كم رصيد أباكِ البنكي؟

وأخرى تحدث أمي قائلة “ مسيييييكنة “ ستمكثين في المنزل أربعة شهور وعشرة أيام ..! 

وتستمر المواقف والمشاهد لتكشف معادن الناس ودناءة مستوىثقافتهم الفكرية.

أما بعد انتهاء أيام العزاء بدأت استوعب تلك المواقف التي مررت بها،وسألت نفسي هل أنا أبالغ في تضخيمي لما حدث من مواقف أم أن شعور الفقد جعلني أصاب بالحساسية المفرطة تجاه الآخرين؟ أم الناس بالفعل يفتقدون الأساليب الحضارية لتقديم واجب العزاء ومواساة أهل الفقيد؟

لا أريد أن أقف هنا وقفة محاضرٍ أو خطيب، ولكنني الآن بحاجة ماسة أن أكتب لهذه الفئة من الناس مع يقيني التام بعدم وصول هذه الكلمات لهم .

هل علينا أن نفقد روحاً غالية كي نستشعر مدى الألم الذي يصاب به من فقدوه ؟ ، أم أننا أصحبنا في زمن  لا تُراعى فيها المشاعر إلا في أفلام التراجيديا و خلف شاشات الهواتف بشخصياتنا المنمقة ؟

لا أعتقد أن التصرف بلباقة وبقليل من الوعي في هذه الحالات بالشيء الصعب أو المستحيل، لقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق والتأدب.. فلا قيمة لتلك الشهادات العلمية العليا التي بات الجميع يلهث وراءها متناسين أن قيمة الانسان بخلقه وتعامله الحسن، فأين نحن من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكىمنه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى.

 

الموت من أعظم المصائب التي قد تصيب الانسان في حياته وفقدالأب كفقد عمود منزلٍ شامخ، فتخيروا كلماتكم وانتقوا العبارات كما تنتقون أشيائكم الفاخرة. فكلمة واحدة قد تؤذي متلقيها مدى الحياة.